وسائل العتق من النار في رمضان خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير
وسائل العتق من النار في رمضان خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 5 رمضان 1440 هـ ، الموافق 10/5/2019.
لتحميل خطبة الجمعة وسائل العتق من النار في رمضان 10/5/2019 وعناصرها:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة وسائل العتق من النار في رمضان بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة وسائل العتق من النار في رمضان بصيغة pdf أضغط هنا.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة وسائل العتق من النار في رمضان كما يلي:
عناصر الخطبة وسائل العتق من النار في رمضان :
العنصر الأول: الصيام جنة ووقاية من النار
العنصر الثاني: وسائل العتق من النار في شهر رمضان المبارك
العنصر الثالث: هل من مُشَمِّرٍ ؟!!
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: الصيام جنة ووقاية من النار
عباد الله: لقد فرض الله – عز وجل – علينا الصيام وجعله وقاية لنا من المعاصي في الدنيا ؛ ووقاية من النار والعذاب في الأخرة ؛ وقد تضافرت النصوص القرآنية والنبوية في ذلك .
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. ( البقرة: 183 ) . فالغاية من الصيام التقوي وهي من الوقاية ؛ يقول الإمام ابن كثير : ” لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛ ولهذا ثبت في الصحيحين: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” . ( تفسير ابن كثير ) .
ومن السنة ما روي عَنْ عُثْمَانَ بن أَبِي الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الصَّوْمُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ”. ( أحمد والطبراني والبيهقي وقال الهيثمي: إسناده حين ).
ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم).
يقول الإمام النووي :” الصيام جنة معناه : سترة ومانع من الرفث والآثام ، ومانع أيضا من النار ” ( شرح النووي ) . فالصوم جنة أي وقاية من جميع الأمراض الخلقية، ويفسره ما بعده ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ” فإن اعتدى عليك الآخرون بسبٍّ أو جهل أو أذى فقل: ” إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” وليس هذا على سبيل الجبن والضعف والخوَر؛ بل إنها العظمة والسمو والرفعة التي يربي عليها الإسلام أتباعه، وسواء كان هذا القول تلفظاً صريحاً، أو كان تذكيراً داخليا لنفسه بأنه صائم، فكلاهما فيه: تذكير النفس بحفظ الصيام من اللغو الذي قد يفسده، وفيه نوع من أنواع الصبر الكثيرة التي تجتمع في الصيام.
والمعني: إني في غاية التقوى والتحلي بأخلاق الصيام ، ولا ينبغي لي أن أفسد صومي بالرد عليك بهذه الأقوال البذيئة، فإذا حاول إنسان استفزازك بما يحملك على رد إساءته، ومقابلة سبِّه بسب، فعليك أن تدرك أن الصوم يحجزك عن ذلك لأنه جنة ووقاية من سيء الأخلاق.
فالصيام وقاية وفيه مباعدة عن النار ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :” مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ” . ( مسلم ).
يقول الإمام النووي :” معناه : المباعدة عن النار ، والمعافاة منها ، والخريف : السنة . والمراد : سبعين سنة . ” ( شرح النووي ) .
فأهلاً ومرحباً بشهر العتق من النيران؛ فلله عتقاء كل ليلة من ليالي الشهر الفضيل ؛ فاحرص على أن تكون منهم بعملك الصالح ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ” ( الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه ).
وقد يقول قائل: وكيف أكون من العتقاء من النار في شهر رمضان ؟!!
أقول: تكون من العتقاء بالحفاظ على وسائل العتق من النار من خلال عنصرنا التالي إن شاء الله تعالى .
العنصر الثاني: وسائل العتق من النار في شهر رمضان المبارك
عباد الله : تعالوا بنا لنقف معكم في هذا العنصر مع وسائل العتق من النار ؛ وكيف نطبقها عمليا ؟ وفي الحقيقة هناك وسائل كثيرة وأعمال جليلة لا يمكن حصرها ؛ ولكني اكتفيت في هذا اللقاء بأهم الوسائل وأفضلها ؛ والتي لها علاقة وثيقة بشهر رمضان المبارك؛ والتي تتمثل فيما يلي :
أولاً: المحافظة على الصلوات الخمس جماعةً في المسجد
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى ، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ : بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ ” . ( الترمذي بسند صحيح ).
وهذا مشروع إيماني ينبغي أن تفرغ له نفسك ، إنها مائتا صلاة ، فاعتبرها مائتي خطوة إلى الجنة ، فهل لا تستحق سلعة الله الغالية أنْ تتفرغ لها ؟ وطريقك إلى ذلك أن تتخفف من أعباء الدنيا طوال هذه المدة ، وعليك بالدعاء مع كل ( صلاة ) أن يرزقك الله الصلاة التالية تدرك تكبيرة الإحرام فيها ، وهكذا .
فحافظ على الصلاة ولا سيما صلاة الفجر والعصر ؛ فعن عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ “. ( مسلم ) .
وكذلك المحافظة على السنن الرواتب ؛ فعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا ؛ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ “. ( أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه ) .
بل هي طريق إلى الجنة؛ فعن أُمِّ حَبِيبَةَ بنتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بنى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “. ( الطبراني ) .
وحديث أمنا عائشة رضى الله عنها يفصل هذه الرواتب: فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؛ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ؛ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ؛ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ ؛ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ” . ( النسائي ) .
ثانياً: البكاء من خشية الله تعالى
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “: لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ ؛ وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ “. ( الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ).
فهنيئًا لك إذا صحت لك دمعة واحدة من خشية الله ، فإنَّ القلوب تغسل من الذنوب بماء العيون ، والبكاء قد يكون كثيرًا لاسيما في رمضان ومع سماع القرآن في صلاة التراويح والتهجد ، ولكن كما قال سفيان الثوري : إذا أتى الذي لله مرة واحدة في العام فذلك كثير
ويكفي أنَّ من رزق تلك الدمعة قد اختصه الله بفضل لا يبارى فيه ؛ فهو في ظل عرش الرحمن يوم الحشر : فإنَّ من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظله: ” وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ “.( متفق عليه ).
والله يحب صنيعه هذا ، فقد يكون هذا سببًا في أن يحبه الله تعالى ، وساعتها لا تسأل عن نعيمه وفضله .
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ، قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ “. ( الترمذي وحسنه ).
قال خالد بن معدان : إنَّ الدمعة لتطفئ البحور من النيران ، فإن سالت على خد باكيها لم ير ذلك الوجه النَّار ، وما بكى عبد من خشية الله إلا خشعت لذلك جوارحه ، وكان مكتوبًا في الملأ الأعلى باسمه واسم أبيه منورًا قلبه بذكر الله . ( الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا).
ثالثاً: طاعة الله ورسوله
فطاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، هي أصل الفوز بالجنة والنجاة من النار، وأن معصية الله ورسوله هما سبب دخول النار .
قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } [النساء: 13، 14].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى” ( البخاري ) .
رابعاً: كثرة الصدقات والجود
فالصدقات والجود وقاية من النار ؛ فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ؛ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ؛ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ؛ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ” . ( متفق عليه ).
يقول الإمام ابن حجر : ” أي اجعلوا بينكم وبين النار وقاية من الصدقة وعمل البر ولو بشيء يسير ….؛ وفيه الحث على الصدقة ؛ وفيه دليل على قبول الصدقة ولو قلت ؛ وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف” . ( فتح الباري ).
لذلك كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ” ( البخاري ) .
فسارعوا إلى فعل الخيرات والصدقات في شهر البر والخيرات؛ ولا يستحقر أحدكم ما ينفقه حتى لو كان درهما ( جنيها واحدا ) فرب درهم سبق مائة ألف درهم .
فعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:” سبق دِرْهَم مائَة ألف دِرْهَم. فَقَالَ رجل: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: رجل لَهُ مَال كثير أَخذ من عرضه مائَة ألف دِرْهَم تصدق بهَا؛ وَرجل لَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ فَأخذ أَحدهمَا فَتصدق بِهِ.” (النسائي وابن حبان والحاكم وصححه).
قال اليافعي :” فإذا أخرج رجل من ماله مائة ألف وتصدق بها وأخرج آخر درهما واحدا من درهمين لا يملك غيرهما طيبة بها نفسه صار صاحب الدرهم الواحد أفضل من صاحب مائة ألف درهم . وقال في المطامح : فيه دليل على أن الصدقة من القليل أنفع وأفضل منها من الكثير : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} ؛ والدرجات تتباين بحسب تباين المقاصد والأحوال والأعمال”. (فيض القدير للمناوي ( .
فبادر – أيها الحبيب – إلى الصدقات والخيرات في شهر الرحمات؛ وسارع إلى الصالحات , تنل البركات؛ وتستجاب منك الدعوات؛ وتفرج لك الكربات؛ وتعتق من النار وتدخل الجنات؛ وتنل المرضات من رب البريات؛ وتزود بالطاعة لتفرح بلقاء رب الأرض والسماوات !!!
خامساً: التحلي بمحاسن الأخلاق
فحسن الخلق والرفق واللين مع الناس طريق إلى الجنة ووقاية من النار ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من كان هيِّنًا ليِّنًا قريبًا حرَّمه اللهُ على النَّارِ “. ( البيهقي والحاكم وصححه).
بل إن حسن الخلق في مقدمة وسائل دخول الجنة ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ] ؛ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا ، وَصِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي النَّارِ ” ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، وَصَلَاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : ” هِيَ فِي الْجَنَّةِ ” . ( أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ) .
فهنيئاً لكل من حسنت أخلاقه أن يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: الْمُتَكَبِّرُونَ” [ الترمذي وحسنه ].
لذلك اهتم الصحابة بحسن الخلق وطلبه من الله، فعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ : بَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ : ” اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي، حَتَّى أَصْبَحَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا كَانَ دُعَاؤُكَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ إِلا فِي حُسْنِ الْخُلُقِ، قَالَ: يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ، إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ يَحْسُنُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ الْجَنَّةَ، وَيَسُوءُ خُلُقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ سُوءُ خُلُقِهِ النَّارَ” (شعب الإيمان للبيهقي).
ولأهمية الأخلاق أصبحت شعاراً للدين ( الدين المعاملة ) فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب.
قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق؛ زاد عليك في الدين”.
فحسن الخلق يرفع العبد منزلة عند الله حتى يبلغ درجة الصائم القائم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ” [أحمد وأبودواد والطبراني والحاكم وصححه].
سادساً: حفظ اللسان
لأن إطلاق اللسان في الحرام يجر صاحبه جراً والعياذ بالله إلى جهنم ؛ فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ – رضي الله عنه – قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدْنِي مِنْ النَّارِ، قَالَ: “لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ }[السجدة: 16] حَتَّى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ:
أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!”. ( أحمد وابن ماجة والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ).
وقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ]،
وقد ضمن الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة لمن حفظ لسانه من خبيث الكلام؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ؛ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ” (البخاري).
فاحفظ لسانك في رمضان ؛ ولا تضيع صيامك هباءً منثوراً ؛ وإلا فالصمت أولى وهو من الإيمان؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»(متفق عليه) .
قال الإمام النووي – رحمه الله – في رياض الصالحين:” اعلم أنه ينبغي لكل مكلفٍ أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرامٍ أو مكروهٍ؛ وذلك كثيرٌ في العادة، والسلامة لا يعدلها شيءٌ.”
وكم من أناسٍ صاموا عما أحل الله ؛ وأفطروا على ما حرم الله ؛ بسبب الخوض في أعراض الناس وأكل لحومهم!!
فعَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا ، وَقَدْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” ائْتُونِي بِهِمَا ” ، فَجَاءَتَا ، فَدَعَا بِعُسٍّ أَوْ قَدَحٍ ، فَقَالَ لإِحْدَاهُمَا : ” قِي ” ، فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ ، حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ ، وَقَالَ لِلأُخْرَى : ” قِي ” ، فَقَاءَتْ مِنْ دَمٍ وقيحٍ وَصَدِيدٍ حَتَّى مَلأَتِ الْقَدَحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا ، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلانِ لُحُومَ النَّاسِ ” وفي رواية الطيالسي « لو ماتتا وهما فيهما لأكلتهما النار » . ( أحمد والطيالسي والبيهقي في الشعب بسند فيه ضعف ) .
لذلك نهانا الله عن الغيبة في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } . (الحجرات: 12) .
يقول الإمام ابن كثير : ” قد ورد في الغيبة الزجر الأكيد والتحريم الشديد ؛ ولهذا شبهها تعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت، كما قال تعالى: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } ؟ أي: كما تكرهون هذا طبعا، فاكرهوا ذاك شرعا؛ فإن عقوبته أشد من هذا وهذا من التنفير عنها والتحذير منها ” ( تفسير ابن كثير ) .
سابعاً: الإكثار من الدعاء
وذلك بأن تسأل الله الجنة وتستعيذ به من النار ؛ كما جاء في القرآن والسنة ؛ قال تعالى: { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ( البقرة: 201) . وقال: { رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران: 16) . وقال: { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران: 191) . وقال في حق عباد الرحمن : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } (الفرقان: 65) .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ الْجَنَّةَ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ. ( أحمد وابن ماجة والترمذي والحاكم وصححه ) .
عباد الله:
إن شهر رمضان المبارك شهر الصيام فرصةٌ عظيمةٌ لقبول الدعاء؛ ولا سيما عند الإفطار؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ؛ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ؛ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ؛ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ”( الترمذي وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
وعن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة”. فكان عبد الله بن عمرو إذ أفطر دعا أهله، وولده ودعا ؛ امتثالا لهذه الآية الكريمة: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186)؛ قال ابن كثير: “وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدّة، بل وعندَ كلّ فطر”( تفسير بن كثير ) .
العنصر الثالث: هل من مُشَمِّرٍ ؟!!
أيها المسلمون : عليكم أن تشمروا عن سواعد الجد والاجتهاد – ونحن في أوائل الشهر الفضيل – قبل أن تأتيكم المنية بغتة وأنتم لا تشعرون !! فكم من أناس ٍكانوا معنا في رمضان الماضي وهم قد واراهم الثرى ؟!! ولا تدري أتعيش أنت إلى رمضان القادم أم لا ؟!!
واعلم – يا عبدالله- أن كل يوم يمر عليك دون عمل، لابد أن تحزن عليه، كما قال عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه- : ” ما حزنت على شيء قط حزني على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي “؛ بل ستندم ولا ينفعك الندم.
فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ. قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ ؛ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَزَعَ .” ( الترمذي ).
وانظر إلى نفسك هل ستخرج من رمضان مغفوراً لك ؛ أم تكون من الخاسرين ؟!! فالعبد في رمضان لا يخلو حاله من اثنين : إما أن يكون من الذين دعا عليهم جبريل وأمَّن خلفه النبي الأمين بالبعد من رحمة رب العالمين .
فعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ ، فَقَالَ : ” آمِينَ آمِينَ آمِينَ ” ، قَالَ : ” أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ ، فَمَاتَ ، فَدَخَلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَمَاتَ ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَأُدْخِلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ ، قَالَ : وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ : آمِينَ “. “.( الطبراني والبيهقي وابن حبان بسند حسن ).
وإما أن يكون من الذين قال فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” ( متفق عليه).
ولا شك أن كل واحد منا يتمنى أن يكون من النوع الثاني الذي غفر له ما تقدم من ذنبه؛ ولكن هذا لا يأتي بالتمني وإنما بالعمل والعبادة والعزم والاجتهاد والأخذ بوسائل العتق من النار السابق ذكرها .
وهكذا أحبتي في الله لو التزمنا بكل ما سمعناه نكون من عتقاء شهر رمضان الفائزين في الدنيا والآخرة.
اللهم أعتق رقابنا من النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار ……آمين
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
خطبة الجمعة المسموعة علي اليوتيوب
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع